الأسئلة والأجوبة

09

مارس | 2024
464

التحليل المنطقي لحادثة بني قريظة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا الجليل كيف تنظرون إلى حادثة بني قريظة؟ خصوصاً لقضية:
- أرقام القتلى.
- السبي للنساء والأطفال وقتلهم.
أتمنى أن تفصّلوا بالقضية

الجواب

عَلَيْكُمُ الْسَلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

باسمه تعالى

حادثة بني قريظة أخذت موقعها عند مثيري الشبهات ضدّ الإسلام؛ من أجل إبراز حالة العنف في الإسلام، ووصف الإسلام بأنه دين لا رحمة فيه.

ولنا هنا مجموعة من النقاط:

النقطة الأولى: ماذا فعل بنو قريظة؟

كان النبي (ص) قد كتب عهداً بينه وبين يهود بني قريظة على أن لا يُحاربوه ولا يُحاربهم، ولا يعينوا عليه أحداً.

ولكن يهود بني قريظة قد نقضوا هذا العهد في الفترة التي كان المسلمون في أشد وأصعب الأحوال؛ حيث إنّ المسلمين قد حوصروا في معركة الخندق (الأحزاب) من قريش وحلفائها، هذه المعركة التي كادت أن تنهي وجود الدولة الإسلامية الفتية، وكان المسلمون قد حفروا خندقاً من الأمام، واعتمدوا على أنّ يهود بني قريظة لن تسمح للمشركين من الدخول إلى المدينة من الخلف، ولكنهم نقضوا العهد وتعاونوا مع قريش، ومزّقوا وثيقة العهد التي كانت بينهم وبين الرسول (ص).

ولكن شاء الله تعالى أن ينتصر المسلمون في تلك المعركة، فدخل الخوف قلوبَ بني قريظة.

النقطة الثانية: النبي (ص) يذكّر يهود بني قريظة بالعهد

عندما سمع النبي (ص) بخيانة يهود بني قريظة أرسل إليهم سعد بن معاذ وعبد الله بن رواحة من أجل تذكيرهم بالعهد الذي كان بينهم وبين رسول الله (ص)، ولكنهم أساؤوا في ردّهم على سعد بن معاذ، ولم يعتنوا بكلامه، وواصلوا في نقض العهد.

النقطة الثالثة: النزول تحت حكم سعد بن معاذ

بعد أن انتهت معركة الأحزاب توجّه النبي (ص) لحصار بني قريظة، ولم يقبلوا أن ينزلوا على حكم رسول الله (ص)، وقبلوا أن ينزلوا على حكم حليفهم السابق سعد بن معاذ، فوافق النبي (ص).

فحكم سعد بن معاذ فيهم بقتل الرجال (وليس النساء والأطفال) الذين حزّبوا على المسلمين، وسبي ذراريهم ونسائهم، ثم أمر النبي (ص) أن يُحسَن إلى الأسرى منهم.

النقطة الرابعة: عدد القتلى

اختلف المؤرخون في ذكر عدد القتلى من بني قريظة، حتى وصلت الأقوال إلى أكثر من اثني عشرة قولاً، بين الثلاثمائة شخص إلى فوق الألف شخص، وهذا يكشف عن عدم وضوح المعلومات حول عدد القتلى لدى المؤرّخين، وأنّ عامل الحدْس والتأثّر بالأجواء الأخرى قد أخذ مأخذه.

ولكن إذا لاحظنا الأمور التالية يمكن أن نستقرب عدداً معيناً:

١- ذكر ابن شهر آشوب بأنّ عدّة بني قريظة كانت سبعمائة. [مناقب آل أبي طالب، ج٣، ص١٧١]؛ يعني جميع بني قريظة كانوا سبعمائة شخص.

وهذا يستبعد أنّ عدد القتلى أكثر من سبعمائة شخص.

٢- أنه لم يُقتل جميع الرجال؛ بل قُتل المحزِّبون والمحرّضون منهم فقط، كما تبنّى ذلك بعض المحقّققين المعاصرين. [الصحيح من سيرة النبي (ص)، ج١٢، ص٨٨]. وهذا يقلّل من أعداد القتلى.

٣- أنه ذُكر أنّ عدد الذراري والنساء كان سبعمائة وخمسين فقط، ولا شك أنّ الذراري والنساء يكون أعدادهم أضعاف عدد المقاتلين.

النتيجة: يمكن أن نستقرب أنّ عدد القتلى كان في حدود المائتين أو أقل من ذلك.

النقطة الرابعة: عرفنا أنّ النبي (ص) ليس هو الذي حكم فيهم بالقتل؛ بل اليهود رفضوا تحكيم النبي (ص)؛ لأنهم كانوا يسيئون الظن به، وقبلوا بتحكيم سعد بن معاذ.

النقطة الخامسة: هل حُكم سعد بن معاذ كان على خلاف الإنسانية كما يدّعون؟

لا شكّ أنّ ما فعلته يهود بني قريظة يعتبر من الخيانات العظمى، وقد كادوا أن يُسقطوا الدولة الإسلامية، ويُسلموا رسول الله (ص) إلى القتل.

وعقوبة الخيانة العظمى هي الإعدام والقتل إلى يومنا هذا في الكثير من الدول، وهو جزاء حقّ وعادل؛ لأنّ السكوت عن أمثال هؤلاء يشجّع الآخرين على الخيانة، ويجعل الدولة في خطر.

فما حَكم به سعد هو الحكم العادل، ولم يخالفه رسول الله (ص)؛ بل أيّده، وهو ما تقوم به أغلب الدول، حتى التي تدّعي التحضّر ومساندة حقوق الإنسان.

والله العالم.

 لجنة الإجابة على الأسئلة

تحت إشراف سماحة الشيخ عبدالله الدقاق حفظه الله.

الأربعاء ٢٢ ذي الحجة ١٤٤١ هـ / الموافق ١٣ أغسطس ٢٠٢٠ م.