المحاضرات
25
سبتمبر | 2023خصال العامل الرسالي
•┈┈┈••●◆❁✿❁◆●••┈┈┈•
السلام عليكم أيها الأحبة في الله ورحمة الله وبركاته.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً برحمتك يا ارحم الراحمين وخير الغافرين، وصلّ اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
جاء في الوصية الخالدة لأمير المؤمنين ـ عليه أفضل صلوات المصلين ـ مخاطباً ولديه الحسن والحسين قائلاً: (أوصيكما وجميع أهلي وولدي ومن بلغه كتابي) أي أن أمير المؤمنين صاحب هذا اليوم يوصيكم الآن مباشرة وجميع من بلغه كتابي (بتقوى الله ونظم أمركم وأن لا تبغي الدنيا وإن بغتكما) إلى أن يقول: (الله الله في القرآن فلا يسبقكم بالعمل به غيركم) صدق سيدنا ومولانا أمير المؤمنين ـ عليه أفضل صلوات المصلين ـ .
أبارك لكم هذا اليوم يوم ولادة أمير المؤمنين ـ عليه أفضل صلوات المصلين ـ ونسأل الله أن يوفقنا دائماً لزيارته، وأن يرزقنا شفاعته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
أرحب بهذه الوجوه الطيبة وأسأل الله لكم علو الدرجات في الدنيا والآخرة.
أتطرق إلى خمس خصال مهمة يحتاجها أي عامل رسالي واختم بنكتتين محوريتين في العمل في سبيل الله، هذه الخصال الخمس مستقاة من وصية أمير المؤمنين ووصايا الأئمة الطاهرين ـ عليهم أفضل صلوات المصلين ـ :
الخصيصة الأولى تقوى الله.
نحن بحاجة إلى التقوى في جميع شؤون حياتنا أكثر وصية أوصى بها القرآن الكريم التقوى، أهم صفة ركز عليها القرآن التقوى.
فما هو المراد بالتقوى؟ وما هو الفارق بين التقوى والورع؟
الجواب بشكلٍ مختصر: التقوى اجتناب الذنوب والورع اجتناب الشبهات، فمثلاً هذه القنينة لو علمت أنها خمر حَرُمَ عليّ أن اشرب، لو علمت أنها ماء أو خلّ جاز لي شربه، فإذا علمت أن هذه القنينة خمر واجتنبت شربه هذا يقال له: (تقوى) لأنني اجتنبت الذنب وهو شرب الخمر.
أحيانا لا أدري هذا المائع خمر أو خلّ؟! أن كان خمراً حرم شربه، وإنا كان ماء جاز شربه، هنا عندنا قاعدة (كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه).
ولكن أحيانا إذا هناك شبهة مثلا هذه القنينة أعطاني إياها شخص لا يتورع عن شرب الخمر واجتنبت شرب هذا المائع حذراً من اقتحام الشبهة هنا يقال: (هذا ورع).
يقول الإمام العسكري ـ عليه السلام ـ (أورع الناس من وقف عند الشبهة) هذا مال أحياناً اعلم أنه حرام فاجتنبه هذا تقوى، أحياناً هذا مال مشبوه ما أدري حلال حرام اجتنبه هذا ورع.
إذا الفارق بين الورع والتقوى هو أن التقوى من وقى يقي وقايةً أي الوقاية من الذنوب والآثام، اجتناب الذنوب يقال له: (تقوى) لكن اجتناب الشبهات الأمور المشبوهة كما يقول الإمام الكاظم ـ عليه السلام ـ (في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب).
سؤال أيهما أرقى وأرقى وأرفع الورع أم التقوى؟
الورع، الورع مقدمة إلى التقوى، يقول أهل الاخلاق: (من حام حول الحمى أوشك أن يقع)، يقولون: هذا بئر له سور وحامية، فائدة هذا السور أن لا تقع في البئر وفي الجبّ، لكن من يحوم ويدور حول السور ربما يدور رأسه ويقع في هذا البئر، فيقولون: (من حام حول الحمى أو شك أن يقع).
يقولون: عندنا محرمات هذه المحرمات لها سور وهي المكروهة، إذا أنت دائماً تقتحم المكروه، نقول لك: هذا مكروه، تقول: كل مكروهٍ جائز، الذي يتعود يقتحم المكروهات ويترك المستحبات يقع في المحرمات.
(من حام حول الحمى) يعني من دار حول المكروهات التي هي حمى للمحرمات (من حام حول الحمى أوشك أن يقع).
أكثر علمائنا الذين برزوا كانوا من أهل الورع خصوصاً في المال، الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ لما يأس من القوم، الإمام الحسين عنده عدة خطابات:
أول خطاب خطاب ديني قال (أولست أنا ابن بنت نبيكم؟! هل يوجد على وجه هذه الأرض ابن بنت نبي غيري؟! سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وسهل بن سعد الساعدي هذا خطاب ديني).
لما رأى ما ينفع فيهم الخطاب الديني خاطبهم خطاب إنساني لما هجموا على حريمه.
وخاطبهم بخطاب قومي قال: (يا شيعة آل أبي سفيان أن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم) هذا خطاب إنساني بعد (وارجعوا إلى أحسابكم أن كنتم عربا).
لما رأى حتى الخطاب الإنساني وحتى الخطاب القومي ما ينفع معهم، ختم سيد الشهداء حياته بهذا الخطاب قال: (ولكن ملئت بطونكم من الحرام) يعني ما دام أكلتون حرام ما تتوفقون تصدوه عن الحقّ.
لذلك أمير المؤمنين وهو على فراش المرض أول خصيصة يوصفها لو أنت بتشتغل في أي مكان مؤسسة قرآنية، مؤسسة في الصلاة، مؤسسة دنيوية، مؤسسة أخروية، (إذا تقوى ماكو كل شي ماكو).
أول ما نفتح القرآن أول سورة بعد الحمد بِسمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ (الم * ذَٰلِكَ ٱلكِتَٰبُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدى لِّلمُتَّقِينَ) إذا أساس عملنا التقوى، أساس في المؤسسات القرآنية، إرساء دعائم التقوى واجتناب الذنوب والخوف من الله عز وجل.
إذا أردنا أن نصير قرآنيين رواد القرآن أول خصيصة نتحلى بها تقوى الله وإلا إذا أنا اعلم الناس التقوى وأنا ما عندي تقوى يصدق علينا كلام أبو الأسود الدؤلي:
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ
هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا
كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ
وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا
أَبَداً وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ
فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها
فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ
فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي
بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ
إذا أول خصيصة رعاية تقوى الله، الخوف من الله، رعاية الله في السر والعلن.
ثاني وصية قال: (ونظم أمركم) نظم الأمور يعني إدارة الأمور بشكل جيد، أغلب مشكلاتنا مشكلة إدارية، فلان عنده مشكلة مع زوجته، فلان عنده مشكلة مع ولده، فلان عنده مشكلة مع أخوه، فلان عنده مشكلة مع مسؤوله، فلان عنده مشكلة مع إدارته، أغلبه مشاكل إدارية.
إذا مثلاً دخلنا دورة في المهارات الإشرافية والإدارية وتعلمنا اللباقة كثير من مشاكلنا سوف تنحل، اضرب لكم مثال:
يقال: أن ملك من الملوك رأى رؤيا مفادها أنه سيقتل ويموت، جيء له بالمعبرين.
قال: تفضلوا، ما هو تعبير الرؤيا؟
تكلم المعبر الأول، قال: إن صدقت رؤياك فإنك مقتولٌ لا محالة.
فقال الملك: أتهددني بالقتل يا ابن الكذا؟! خذوه فاضربوا عنقه، ضربت عنقه.
أذن للمعبر الثاني، قال المعبر الثاني: إن صدقت رؤياك فإنك ستموت.
قال أتهددني بالموت؟! خذوه فاضربوا عنقه.
أذن للمعبر الثالث، هذا المعبر الثالث، قال: أنا إذا قلت أنك ستعيش هذا كذب لأن الأول نصّ على القتل والثاني نصّ على الموت، أخشى أن يشم رائحة الكذب فيقتلني، وإن قلت له أنك ميت سيقتلني أيضا، فماذا قال المعبر الثاني؟
قال أيها الملك اعلم أن الدنيا دار فناء والدوام للدائم، وكلنا سنموت وكلنا عرضة للفناء، لكنك تتميز من بيننا بالسرعة وتتميز بيننا بقدم السقف فكلنا سنرحل، هذه الدنيا دار رحيل ودار زوال غاية ما في الأمر أنك أسرعنا رحيلاً والسرعة والسبق مما يليق بشأنك.
قال أحسنت أعطوه الجائزة.
سؤال المعبرين الثلاثة في النتيجة.. نتيجتهم واحدة أم مختلفة، ما الفارق؟ الأسلوب الأسلوب، الأول جاء بمفردة القتل، قال: إنك مقتول ثانياً جزم، قال: لا محالة، هذا تهديد تحدي إلى الملك قتله.
الثاني خفف، قال: إنك ميت.
الثالث أول ما استخدم استخدم أسلوب التعميم المصيبة إذا عمت هانت، قال: كلنا راحلون لست أنت الوحيد الكل سيرحل بينما الأول والثاني خصوا الملك إنك ستموت أنت ستقتل.
هناك بحث في الإدارة يبحث اللباقة، كيف تكون لبق في المعاملة؟ هناك دورة يسمونها دورة المهارات الإشرافية والإدارية، كيف عندك مهارة في إدارة أسرتك؟! إدارة أولادك!! إدارة إدارتك!! هذه دورات لابد منها.
إذا نظم الأمور وإدارة الأمور أنا اعرف بروفيسور في الإدارة، يقول شيخنا: كل مشاكل الناس إدارة إدارية حتى في تعاملهم، ومع الله ما يعرفون يديرون علاقتهم مع الله.
إذا تعلموا الإدارة، كيف تدير نفسك مع الصديق؟ كيف تدير نفسك مع العدو؟ لابد تحضرون دورات، دورة في التخطيط الاستراتيجي، دورة في إدارة الذات، دورة في إدارة الآخرين، دورة في إدارة الوقت، دورة في الإدارة في القراءة السريعة، كيف تقرأ قراءة سريعة؟! دورة في التعامل مع العدو، دورة في إدارة الحرب والمعركة، دورة في إدارة المشاريع، دورة في كيفية دراسة الميزانية ووضع الميزان.
الآن سنؤسس مجلة خاصة بالإدارة، الآن موجود بعض مدرائنا عنده اشتراك مع موقع وسايت متخصص بالإدارة بفلوس سنوياً يدفع فلوس للاشتراك، سنوياً آخر الأمور الإدارية يحدثونها يعملون لها آبــديت يعني الوقت الذي يستغرق منك ساعة عشر ساعات في التقدم الإداري في دقيقة تحله.
إذا لابد من نظم الأمر، الوصية الثانية من وصايا أمير المؤمنين ـ سلام الله عليه ـ نظم الأمور.
الوصية الثالثة (وألا تبغي الدنيا وإن بغتكما) يعني الزهد في الدنيا، (ليس الزهد أن لا تملك شيء إنما الزهد أن لا يملكك شيء).
يقال: أن أحد العباد والزهاد، قرأ كتاب تنبيه الخواطر المعروف بمجموعة ورام للشيخ فراس بن ورام فأحب أن يرى هذا العالم الزاهد ذهب إلى بيته دخل رأى الأعيان، الخيرات، الفواكه... فجلس مكفهر الوجه.
لما انتهى المجلس وخرج الضيوف بقي هو والشيخ فراس بن ورام صاحب كتاب تنبيه الخواطر أو تنفيه الخواطر، ما الخطب ماك مكفهر الوجه؟!
قال: لما تقولون ما لا تفعلون؟! (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلوا).
قال: ماذا؟!!
قال: اعلم أيها الشيخ أنني اشتقت لزيارتك حينما قرأت ما كتبته في الزهد، ولكن حينما جئت إليك لم أرك زاهداً.
فقال الشيخ: وماذا تريد مني الآن؟
قال: أريد أن تخرج معي الآن إلى الصحراء لكي نعبد الله، وتترك الأهل والعيال والديار والأعيان وتترك الدنيا وتزهد فيها.
قال: وأنا حاضر نخرج الآن.
خرج معه الشيخ فراس إلى أن وصلا إلى منتصف الطريق، وإذا بالزاهد العابد يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون.
فقال: الشيخ فراس: من الخطب؟!
قال: نسيت مسبحتي التي طالما سبحت الله بها، وفي نقل: نسيت عصاتي التي أتوكأ عليها في العبادة.
قال: وماذا نصنع؟
قال: نرجع لا أستطيع أن أعبد الله بدون تلك العصا، لا أستطيع أن أعبد الله بدون تلك السبحة.
فقال الشيخ فراس: أيها العابد القشري، أنا ملكت الزوجة والأهل والعيال والدار والأصدقاء والأعيان وفي لحظة واحدة تخلصت منه بأجمعهم، قلت لي: فلنخرج، وخرجنا.
فأنا ملكت هذه الأشياء ولم تملكني ولكنك لم تملك إلا السبحة وقد ملكت قلبك، وفي الحقيقة السبحة ملكتك لا أنك قد ملكت السبحة، (ليس الزهد أن لا تملك شيء إنما الزهد أن لا يملكك شيء)، (ليس الزهد أن لا تملك شيء إنما الزهد أن لا يملكك شيء).
والسر في ذلك:
العلقة يمكن أنت تصير مسؤول، تصير رئيس الدولة، ذرة واحدة من قلبك هذه الرئاسة ما تأخذك كما التفت أمير المؤمنين ـ عليه أفضل صلوات المصلين ـ إلى ابن عباس، قال: يا ابن عباس كان الإمام علي يخصف نعله، كم تسوى هذا؟ نعلة مرقعه.
قال: يا أمير المؤمنين لا تسوى شيئاً.
قال: والله لهي أحب إلي من إمرتكم هذه إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً.
الإمام علي، ماذا يقول؟ يقول: (الزهد كل الزهد قد جمع في آية واحدة من كتاب الله، وهي قوله تعالى: (لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)).
دائماً في المحاضرات أقول للإخوة هكذا:
أنت لو يوم من الأيام أصبح الصباح وجاءك هاتف مات فلان في أمريكا أو أوروبا وليس له وارث إلا أنت أو أوصى إليك بمليارات الدولارات تتخرع؟! لو ما يأثر في قلبك شيء إذا أثر أنت لست زاهد، إذا ما أثر أنت زاهد.
بعد والعكس بالعكس أنت تملك المصانع والشركات والمؤسسات أصبح الصباح جاءك تلفون واحد كلها احترقت، أنت يحترق قلبك، لو ما تتأثر؟!
إذا ما تأثرت أنت زاهد، إذا تأثرت راجع حساباتك.
إخوتي وأحبتي في الله من موقع التجربة أحياناً أنت ترأس مؤسسة، قرآنية، في الصلاة، في المراسم الحسينية، قلبك يتعلق بها يصير في الواقع هي التي ملكتك ولست أنت المالك لها، إذا أنت لست بزاهد.
أحياناً أنت تملك الدنيا كلها ما تأثر حجم جناح بعوضة في قلبك:
ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا
وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
أنا شفت ناس في حياتي في واحد يملك ملايين مليارات ما مأثرة بقلبه، لو يجيه خبر كلها احترقت ما يتأثر، وشفت بعظهم ما يملك إلا هذا القلم، إذا تكسره كسرت قلبه، فهل نحن كذلك في عملنا القرآني والمؤسساتي أو لا؟!!
لاحظّ الإمام علي معصوم يوصي معصومين الخطاب لهما (وأن لا تبغيا الدنيا) يعني لا تتعلق لا يتعلق قلبك بالدنيا (وأن لا تبغي الدنيا وإن بغتكما).
طبعاً الكلام سهل حتى المتحدث أنا أتكلم بسهولة كل واحد اعرفه بنفسه (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) أنا كلامي لمن يريد الكمال الذي يريد الكمال يلتفت إلى نفسه: أول شيء تقوى الله، ثاني شيء ينظم أموره، ثالث شيء يزهد في الدنيا.
ليس المراد بالزهد أنه يصير مثل هذا العابد القشري يروح يعبد الله وهو في الواقع ملكته سبحة لا أنه ملك السبحة.
الوصية الرابعة قال (الله الله في فلا يسبقكم بالعمل به غيركم).
سؤال العلم والعمل مطلوبان في الإسلام، الإسلام يدعو إلى العلم ويدعو إلى العمل، سؤال في الدرجة الأولى الإسلام يطلب العلم أو يطلب العمل؟!
العلم، أحسنت.. قال تعالى: (وقل اعملوا)، ما قال: (وقل اعلموا).
إذا قلت: الإسلام يطلب العلم، خذّ واحد علم صار فقيه وما يصلي!! شو الفايدة بصلاته؟!
مداخلة.. العلم مقدم سماحة الشيخ.
أحسنت.
سؤال: هل الإسلام يطلب أي عمل لو لا يطلب العمل المتوقف على العلم الصحيح؟
الجواب: يطلب العمل المتوقف على العلم الصحيح، إذا العلم مقدمة والعمل ذو المقدمة، العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل الإسلام، أول ما يطلب يطلب العمل ما يطلب العلم أول يطلب العمل، لكن يطلب العلم كمقدمة إلى العمل.
الإسلام لا يطلب أي عمل (السائر على غير هدى لا يزيده كثرة السير إلا ضلالاً) يطلب العمل المتوقف على العلم الصحيح.
وهذه مشكلة كثير من الناس يذهب يدرس يحصل العلوم يغفل هو في البداية ملتفت إلى أن العلم مقدمة ذو المقدمة في أثناء عمله وعلمه ينقلب العلم من مقدمة إلى ذي المقدمة.
أمير المؤمنين ماذا قال؟ (الله الله في القرآن فلا يسبقكم بالعمل به) ما قال (بالعلم به) النكتة هذه مهمة جداً أحياناً الذي يشتغل بالعلوم القرآنية، علم الفقه، علم الأصول، علم، علم، علم.... هذا العلم قد يبعده عن الله لأنه يشتغل بعلم القرآن، يشتغل بعلم التفسير، يشتغل بعلوم القرآن، يشتغل بجمع المعلومات من دون تطبيقها.
يا أخي العالم في مدرسة أهل البيت ليس هو الشخص الذي عنده مجموعة من المعلومات الهارد ديسك فيه معلومات أزيد منك، الآن كمبيوترات والهارد ديسك والسيرفرات عندها معلومات قرآنية أزيد منا كلنا أجمع علومنا تجد أن في علوم قرآنية أزيد منه.
العالم في مدرسة أهل البيت هو الذي تجسدت العلوم في شخصيته، لذلك لما سئلت عائشة عن النبي ماذا قالت؟ (كان خلقه القرآن) لم تقل: (كان علمه القرآن) أخلاق النبي قرآن.
أمير المؤمنين في التحكيم، ماذا قال؟
قال: (هذا القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق).
إذا هذه نكتة جداً مهمة العلم مهم لكن العلم آلة لغيره العمل هو المهم، إذا العلم مهم والعمل أهم، إن أردنا أن نكون ناجحين فعلينا بالعمل بالقرآن.
النقطة الخامسة والأخيرة نختم بها التعلق بصاحب العصر والزمان، الإمام المهدي وردّ على ألسنة الأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين، الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ يقول: (لو أدركته لخدمته) إمام المذهب هكذا يقوم.
توجد رواية عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ (كأني بقوم قد ظهروا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يعطون ما سألوا ولا يقبلون، وعلى الله يتوكلون) الإمام يقول: (قتلاهم شهداء)، الإمام يقول: (إذا ظهر هؤلاء ظهر الحجة ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ).
الإمام الباقر في ذيل هذه الرواية، يقول: (أما أني لو علمت ذلك لأدخرت نفسي لذلك اليوم).
إخوتي وأحبتي في الله كثير منا يعمل في الله القليل الذي يذكر إمام زمانه أن يكون دائم الذكر لإمام زمانه هذا خلق تعلمته من أستاذي سماحة آية الله المجاهد الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي ـ رحمه الله ـ دائم التعلق بصاحب العصر والزمان قبل كل درس يقرأ: (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن) قبل كل عمل (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن) عندنا في الروايات أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج.
هنيئا لكم يا من تخصصتم في شؤون القرآن اعدلوا القرآن فلتهتموا بالقرآن وعدله القرآن والعترة إن شاء الله تهتمون بالقرآن ناطق والقرآن الصامت، إذا أردتم تتوفقون أهدوا ثواب عملكم إلى صاحب العصر والزمان.
كما قال لي أحد المستشارين الذي نصحني، قال شيخنا: (خلّ علينك ويا ربّ العالمين وإيدك بيدّ صاحب العصر والزمان ويدّ تصافح صاحب العصر والزمان ما تخيب) إذا أردتم التوفيق عليكم بالتوسل.
في ختام يعني أتذكر لعله قبل خمس سنوات أو أكثر كنا في لقاء خاص معه سماحة آية الله المجاهد الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي ـ رحمه الله ـ قلت له شيخنا (في نهاية اللقاء): أنت الآن نيفت على ثمانين سنة وعندك خبرة وتجربة أريدك تنصحني نصيحة بكلمة واحدة لا تكثر لا تزيد كلمة واحدة خلاصة وعصارت تجربتك في الحياة أستعين بها.
قال: التوسل.
قال: أنت أحياناً تفكر وتخطط وتتعب نفسك تصل إلى فكرة بعد خمس بلحظة توسل تصل إلى هذا الخطة.
قال: انظر إلى حرم السيدة المعصومة وحرم الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ التوفيق يوجد على بعد عدة أميال من هذا الحرم الشريف.
لذلك كل من يستنصحنا أقول له عصارت تجربتي في الحياة أمرين:
أولاً اللجأ إلى الله.
ثانياً التوسل بأولياء الله.
أنتم في ثروة في العراق عندكم الحسين والعباس، عندكم أمير المؤمنين، عندكم العسكريان، عندكم الكاظمان، ما شاء الله هنيئاً لكم بجوارهم هذه نعمة كبيرة.
عموماً أنا هذه الخمسة تيمناً بأهل الكساء الخمسة اكتفي بها وما أطول عليكم.
في الختام.. في الختام أقول: العمل يطير بجناحين جناحين:
الكادر الإداري والمؤسسة، العنصر البشري والمؤسسة، يعني نحن بحاجة أولاً إلى بناء شخصيات إدارية، ثانياً نحن بحاجة إلى بناء مؤسسات إدارية، المكان بالمكين أنت تعمل مؤسسة محترفة لكن الكادر البشري ضعيف ما في فائدة.
لاحظوا قناة الجزيرة، قناة الجزيرة أول استوديو عملوه أصغر من هذه الغرفة يمكن ثلث هذه الغرفة، لكن الكادر البشري الذي استعمل كان فكره عالمي إلى الآن موجودة الآن استوديو الجزيرة كبير مدينة إعلامية لكن هذا موجود ومكتوب عليه مقولة الرئيس السابق حسني مبارك، أو ما تدخل مكتوب ما كنت أظن أن عود الثقاب هذا سيشعل المنطقة بأكملها.
قناة الجزيرة لعبت دور كبير في ثورات الربيع العربي أو الفتن الفتن لعبت دور كبير في هذه الفتن في العراق وخارج العراق.
الآن سؤال: لو سألوكم هذا السؤال: ما هو أغلى شيء في أي شركة وأي مؤسسة؟ الآن إذا يجون يقيمون والشركات والبنوك والمصانع ما هو أغلى شيء وأثمن شيء فيها؟
العنصر البشري، إعلام إذا العنصر البشري ضعيف يضعف الإعلام، كادر البشري هو أغلى وأثمن شيء، لذلك إذا يقيمون مؤسسة قرآنية، مؤسسة إعلامية، مؤسسة ثقافية ما يقيمون الأجهزة فقط، من الذي سيدير هذه الأجهزة؟! وأنتم العنصر البشري.
إن شاء الله أنا أستفيد وأتعلم منكم، إن شاء الله نبني أنفسنا، الجناح الأول العنصر البشري، الشخصيات القيادية والإدارية.
العنصر الثاني المؤسسات لذلك الدول إذا تريد تضرب جهة تضرب شيئين: تضرب المكان والمكين، تضرب المؤسسة ومن يقوم بالمؤسسة، وأول يستهدف القائم بالمؤسسة.
سؤال أخير ونختم طولنا عليكم سامحونا: ما السبيل إلى ترشيد المؤسسة والكادر البشري؟
شيخنا والله نحن نريد ننمي أنفسنا، نريد ننمي مؤسستنا، شنو نصيحتك؟ شيئين، هذين الشيئين إذا أخذتون بهم تتذكرونه وتترحموا عليه:
أولاً التوكل على الله.
ثانياً الأخذ بالأسباب.
تتوكل على الله، وما تأخذ بالأسباب!! ما تأخذ بالعلم الحديث!! إلى وين وصل التطور؟!! ما تأخذ بالعلوم الإدارية هذا تواكل وليس توكل.
تأخذ بالأسباب من دون توكل على الله هذه شيطنه قد تتوفق بحسب الدنيا، يوم من الأيام أمام أمير المؤمنين، قيل له: إن معاوية عاقل.
قال: والله ما هو بعاقل، إنما هو الداهية، العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان.
الذي يأخذ بالأسباب فقط مثل أمريكا الغرب يأخذون بالأسباب يأخذون بالعلم لذلك سيطروا لكن سيطر الشيطان وليس جنود الرحمة.
نحن إن شاء الله كلنا من جنود الرحمن لا من جنود الشيطان، كلامنا عن معالم نجاح جنود الرحمن في مقابل جنود الشيطان، أول شيء التوكل على الله، ثاني شيء الأخذ بالأسباب.
لاحظ خلق موسى ـ عليه السلام ـ وهو من أولي العزم لما رأى عند الخضر ما ليس عنده، ماذا قال؟ (هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا)؟؟
لا تستنكف.. لا تستنكف.. طريق تحصيل العلم والأخذ بالأسباب إلى آخر نفس.
يقال: البيروني كان في حالة الاحتضار، البيروني في حالة الاحتضار عالم فلك، وأتى زارة أحد العلماء، فسأله مسألة، المحتضر يسأل الحاضر مسألة.
فقال العالم الحاضر: هل هذه ساعة سؤال ومسألة؟! أنت الآن بتفارق الدنيا هذه ساعة سؤال ومسألة؟!
فقال: أيهما أفضل أن أموت وأنا جاهل بهذه المسألة أو أموت وأنا عالم بهذه المسألة؟
قال: الأفضل أن تموت وأنت عالم بها.
قال: إذا علمني ولا عليك من حالي.. علمني.
لا تستنكف، تقول: أنا صرت شيبه هسى أتعلم؟! أنت مو لازم تأخذ لك تروح تدرس لك في الجامعة بكالوريوس وماجستير ودكتوراه، يكون عندك مستشار فطن وآمين وينطيك.
إذاً إن أردنا النجاح لمؤسساتنا علينا بالأخذ بالأسباب والتوكل على الله، يقول علي ـ عليه السلام ـ كما بدأنا بعلي نختم بعلي علي، يقول علي ـ عليه السلام ـ (فلما رأى الله صدقنا، أنزل علينا النصر وأنزل على عدونا الكبت) يعني الله يريد يشوفك في المحك وليس كلام، كلام أنا أقدر أعطيك محاضرات سنين إذا ليس صادق مع الله ما يفيد، إذا تصير صادق مع الله.. الله ينزل عليك النصر، الله ينصرك، ويخذل عدوك.
كثير من الأمور تصير في الميدان الله يخاطب النبي، ماذا قال له؟ ويريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك) الله الله أيدك وليس أنت هو الذي (أيدك بنصره وبالمؤمنين، لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) هذا شغل ربّ العالمين (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) هذا الود والمحبة شغل الله وليس شغلك أنت.
الإمام السجاد قال أمام يزيد: (أعطينا خمساً وفضلنا بست) شنو قال؟ آخر شي آخر شي (والمودة في قلوب المؤمنين) هذا شغل ربّ العالمين.
إن اخلصنا إن اخلصتم الله عزّ وجل سيودع القلوب محبتكم، محبة القرآن، محبة المؤسسات القرآنية، وأنتم نعم العون على طاعة الله أنا واقعاً اخجل أن نتحدث أمامكم بودي أتعلم من هذه الوجوه الطيبة، وجوه عاشت مع القرآن، وجاورت العترة الطاهرة.
واقعاً نزولاً لرغبة أخي وعزيزي قبلت وإلا أنا اخجل، أقل من عليها أن أتحدث أمامكم، وسلوتي أن تدعو لخادمكم الصغير بحسن العاقبة.
أقول قولي هذا (وأستغفر الله لي ولكم) وإن شاء الله تشملكم عناية صاحب العصر والزمان روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفدى وآخر دعوانا أن الحمد للهّ ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.
تعليق